أدونيس عار الجزائر..

التواطؤ الكبير .. على حرية التعبير

أدونيس عار الجزائر..

كمال قرور /الجزائر

في الوقت الذي كنا نتمنى المزيد من التعمق في الحديث عن الدخول الثقافي لوضع آليات وتقاليد لرفع الحصارعن بلدنا باستقطاب المفكرين والكتاب الذين يؤثرون في المشهد الثقافي العربي ويصنعون روافده واتجاهاته.

صدمنا بواقعة أدونيس ..يا لعارالجزائر.

الحقيقة أن محاضرة أدونيس ليست هي التي زللزلت المشهد الثقافي الجزائري الهش، وانما تصريحاته الكلاسيكية التي حاولت بعض الصحف اليومية أن تفخخها لأنها تعرف مسبقا أثرها في المجتمع الجزائري الذي لايريد أن يتقدم خطوة واحدة. وكأن الأمر مبيت ليرد عليها الشيخ شيبان بطريقة تكفيرية لم نعهدها فيه وهو المتسامح وفي مؤسسته التي نكن لها كل الاحترام.

هذه الأفكار التي أعادها على مسامعنا الشاعر الكبير – وليس بالضرورة المفكرالكبير حسب تعليق صديقه الروائي رشيد بوجدرة- ليست جديدة ولا تستحق هذه العاصفة الهوجاء. لقد عرفناها من خلال كتبه وكتاباته ونحن طلاب في الجامعة ومرت علينا مرور الكرام لأننا كنا نقرأ الفكرة والفكرة النقيضة لذلك لم يغونا أدونيس ولم يدخلنا في دين ابليس,ورغم اختلافنا معه نحترمه ككاتب يعبر عن رأيه بأسلوب علمي حضاري. بعد عشريتين تقوم القيامة على هذه الافكار وكأنها بنت اليوم.وهذا خطأ فادح ارتكبه المكفرون الذين نفخوا في أشياء معروفة منذ مدة لدى الخاصة وأعادوا لها الاعتبار الجماهيري  من حيث لا يدرون.

من يتابع ردود الفعل على قضية أدونيس في الصحافة العربية وفي مواقع الانترنت سيصاب باحباط كبير. لقد أعادونا الى سنوات الجنون:من يقتل من؟ والمجازر والدماء،والقمع. اذا لم تكن في الجزائر تشعر وكأن هذا البلد سيطرت عليه ميليشيا الفكر الشمولي الظلامي. وانتهى أمره.والحقيقة غير ذلك. فمن يريد أن يسوق الصورة السوداء للجزائر بعد الأشواط التي قطعناها لتأكيد مبدأ حرية التعبير؟

تمنينا لو كان النقاش المحتدم بين الطرفين في قاعة المكتبة الوطنية وشهدت الصحافة الوطنية السجال الفكري الحضاري ونقلته بكل أمانة وموضوعية. ولكن العكس ما حدث فالخصوم لم يحضروا والصحافة بعضها أضرب عن نقل ملخص المحاضرة وبعضها أشار اليها اشارة خفيفة ولكن كل الصحف اليومية – وعلى غير العادة- تهافتت على محاورة الشاعرالضيف وكأن كل جريدة تحاول أن تحقق سبقا ما أو تريد أن تعرف من الضيف ما تريده هي لأمر في نفسها وليس في نفس يعقوب .

أنا لست من أنصار الصحفي اليساري بن شيكو ولكني أدافع عن حرية نشر كتابه الذي صادرته خليدة تومي وزيرة الثقافة,ولست مع أفكار الزاوي ولكني مع اعادة الاعتبار له ولست مع طروحات أدونيس ولكني أدافع عن حريته في التعبير عنها ولست مع الشيخ شيبان في بيانه التكفيري ولكني أدافع عن حريته في التعبير عن رأيه في المكان المناسب وبالأسلوب المناسب .

صدقوني عندما حدث العار الذي حدث في بلادي الجزائر.. شعرت بالخوف على حرية تعبيري.ولما تحسست قلمي في جيبي وجدته يرتعش ويقول :حرية تعبيري مرتبطة بحرية تعبير خصمي.اذا لم أضمن له حريته ولم أدافع عنه حتما ستنتهي حريتي .