التعدد أو التبدّد
نثمن الخطوة التي خطاها المدير الجديد للإذاعة الوطنية، السيد عز الدين ميهوبي، بإنشاء قناة إذاعية جزائرية إخبارية دولية· ورغم أن الخطوة جاءت متأخرة بعض الشيء، لكن وجودها أفضل من عدمه· ومن أعماقنا نتمنى أن تكون المبادرة فعلا إعلاميا استراتيجيا يخدم الدولة الجزائرية، ولا مجرد رد فعل للتباهي وما أكثر ردود أفعالنا المنفعلة·
إضافة إلى هذا المشروع السمعي الواعد، نؤكد للمسؤولين المعنيين، بأننا اليوم، في حاجة إلى فضائية إخبارية دولية في مستوى: الجزيرة والعربية وسي أن أن··· والحرة··
واعني بذلك قناة احترافية بمعنى الكلمة قادرة على المنافسة، تكمل بقية الفضائيات وتسد النقائص، وتطرح البدائل، تراهن على الكفاءات البشرية التي نحسد عليها وليس شيئا آخر·
أسوق هذا الكلام بعد أن تعافت بلادنا من صدمة الديمقراطية وما تبعها من أشكال العنف، التي كادت تعصف بالدولة الجزائرية، وهي تحاول جاهدة، في ظل حكم السيد بوتفليقة، أن تعود إلى مكانتها الإقليمية والدولية· إن حضور بلادنا اليوم في القنوات الإعلامية العربية والدولية حضور مشوش وباهت ومرتجل لا يكاد يحفل إلا بالسلبيات وبقايا العنف والدم· فبعد أن كنا رائدين في بناء الدولة الديمقراطية النموذجية في العالم العربي، التي تسمح بتداول السلطة سلميا، لم يغفر لنا الأشقاء هذا الشرف، ومازالوا يصطادون أخبارنا السيئة لترسيخ الصورة السلبية للدولة الدموية في الأذهان العربية حتى يستمر السبات السياسي العربي إلى الأبد تمهيدا لظهور نظرية التوريث الديمقراطي للحكام العرب حفاظا على الاستقرار والتنمية المنعدمة· بعد أن عانت منطقة المغرب العربي، والجزائر خاصة من التهميش الإعلامي ها هي، اليوم مستهدفة من قبل فضائيات بعضها عينه على السياسة وبعضها على الثقافة وبعضها الآخر على الربح المضمون· وتكون مشاريع أم بي سي، وروتانا وقروي، وميدي1 وغيرها التي أعلنت عن نفسها، تندرج في هذا المجال الذي نعنيه، كل في مجال اهتمامه، ليس عيبا أن يبادر هؤلاء لاستغلال الفراغ، وليس من حقنا أن نكون ضد مشاريعهم ما دمنا من دعاة التعدد، لكن العيب أن نبقى تفرج ولانقوم بالمبادرة·
إن منطقتنا غنية ثقافيا وحضاريا، لكنها همّشت نفسها لما لم تواكب التطور الحاصل في الأوساط الإعلامية الحديثة· والحقيقة أن أشقاءها قد تداركوا الموقف، لكنا تعثرنا لأسباب سياسية، وهي رفض السلطة للانفتاح الفضائي على المبادرات الحرة أو الشراكة· وقد أكد ذلك في المدة الأخيرة السيد حمراوي حبيب شوقي مدير التلفزيون، وابدى تحمسه للتعددية· فالكرة الآن في مرمى السلطة بعد أن أصبح هناك إجماع حول التعددية الإعلامية الفضائية· علينا أن نتعدد اليوم قبل أن نتبدد غدا· إن الفضائية الإخبارية التي نأمل أن نسارع إلى إطلاقها لتفعيل دبلوماسيتنا ووجودنا في المحيط الإقليمي والدولي، تستطيع أن تتألق في شمال افريقيا وتخدم الجزائر نفسها والمغرب العربي وتربطنا بأشقائنا العرب وبجيراننا في المتوسط وبجاليتنا في أوروبا وأمريكا· تستطيع هذه الفضائية أن تخدم اقتصادنا وسياستنا وأفكارنا وأيديولوجيتنا والقناعات التي نؤمن بها، وتدافع عن قضايانا الوطنية والقومية، وتظهر الوجه المشرق لجزائر الثقافة والحضارة والسياحة· بواسطة هذه القناة الفضائية نفعل ديبلوماسيتنا الفضائية عن طريق رجال الإعلام، أصحاب الخبرة والكفاءة، بعد أن فشل الديبلوماسيون الأرضيون البيروقراطيون، حيث أصبحت مناصبهم تشريفية للراحة والتشمس·· أو تقاعدا مسبقا· إن تمويل هذه القناة التي قد تكون عامة أو بالشراكة مع القطاع الخاص، والشراكة أفضل حل، يكون سهلا من طرف سوناطراك /أفضل من إنشاء قناة خاصة بها/، ومن استقطاب للإشهار المحلي والدولي·
2006-10-23 نشرت بجريدة الخبر بتاريخ
Filed under: مقالات صحفية لكمال قرور | Tagged: مقالات صحفية لكمال قرور | Leave a comment »