يا حكام الطوائف : ادفعوا الجزية للصين تحميكم ..

يا حكام الطوائف : ادفعوا الجزية للصين تحميكم ..

الرابط : اراء حرة
كمال قرور *
الان اصبح العالم الاسلامي ، بسهولة، قابلا للتصفية التاريخية والجغرافية وحتى العرقية..ضربت افغانستان واخرجت من الحكم بالقوة طالبان ، وكان الهدف بن لادن المتهم الاول في تفجيرات نيويورك التاريخية . وثبت كرزاي حاكما بالنيابة يحرس عن قرب منطقة قزوين النائمة على بحار النفط ..والمسلمون يتفرجون ..وكانت باكستان الاسلامية اول المتحالفين مع بوش الثاني للقضاء على طالبان صنيعة مخابراتها .وهاهي الآن تخرج من الحلبة للتتفرغ للحرب الأهلوية الروتينية.وبسبب الاسلحة الكيماوية ضربت العراق ، وكانت الكويت البوابة ومعبرا للقوات الغازية.. وساعدت في الغزو كل الدول العروبية المجاورة بكل ما استطاعت حتى بالقوادة من اجل سقوط الديكتاتورالمتهور . والتزمت ايران الاسلامية الحياد الايجابي .وسقطت بغداد وقبض على الصدام / الزدام ومرمط ومرمط معه ماتبقى من الكرامة والشهامة العربية وحل مجلس الحكم محل الديكتاتور الافل يتداول اعضاؤه على الكرسي شهريا ياللمسخرة .
حوصر عرفات ، وسلخ الشعب الفلسطيني .والمسلمون يتفرجون في صمت الا حاكم ارض الكنانة تكلم ، وطالب الانتحاريين ان يوقفوا عملياتهم لانهم ارعبوا الشعب الاسرائيلي الامن ، وطالب اطفال الحجارة ان يتوقفوا عن رشق الدبابات والمجنزرات الاسرائيلية لانهم الحقوا بها خسائر فادحة ، صمت الفرعون دهرا ونطق كفرا ياليته ما نطق ..وبتهمة تمويل الارهاب تعرضت السعودية الحليف الطبيعي للماريكان للشونطاج والاصلاح القسري ، لم تتعرض له قبلة المسلمين حتى في زمن ابرهة الحبشي ، فجمدت ارصدة الامراء والجمعيات الخيرية ، ومنع العمل الخيري ، واصبح من حق امريكا ان تجمع اموال زكاة السعوديين وبقية المسلمين لتوزعها بالعدل على مستحقيها من فقراء نيويوك والمؤلفة قلوبهم من الحكام الطماعين .. جاء دورايران لتنال الوسام بسبب الحياد الايجابي ، اشعل فتيل الطلبة المطالبين بالاصلاح فلما فشلت المسرحية ، اخرجت ورقة السلاح الكيماوي ، وجاء المفتشون يرأسهم البرادعي شخصا وحوسوا في أي مكان لايخطرعلى بالكم ، واجبرت ايران على التخلي عن برنامجها النووي / المنوي حتى تأمن شر بوش ، ووقعت على البروتوكول وظنت انها سـتغلق الباب في وجه الكاوبوي الى الابد ..وماهي الا ايام حتى عاد التحرش بها من جديد لانها تخفي اسرارا نووية..وآن الاوان لتدفع ايران الاسلامية ثمن السكوت الايجابي ..وهاهي سوريا البعثية تتعرض للحصار ثمن خيانتها لبعث العراق ..وهاهي السودان بعد أن شفيت من مرضها العضال شمال جنوب يكتشف في مؤخرتها جرب دارفور,ليطلب رأس بشيرها في المحاكم الدولية ولما فشل المشروع المطلوب الآن خصيتيه للسحق ولو في الظلام.
اما بقية الدول العربية والاسلامية فقد تكفل بها الارهاب قتلا ونهبا وتدميرا وكفى الله بوش الثاني مشقة القتال ..ولم ينج من المحرقة سوى حاكم طرابلس فحين صفع صدام ضرط القائد الهمام ، وكشف لسيده الجديد انه كان يفكر .. يفكر ..فقط في الحصول على السلاح الكيماوي .. ويفتح بلاده المنغلقة على التفتيش وعلى التغيير فقط ان يكون قائد العصر الجديد .. عصر الزمهرير عفوا الجماخير .. هاهم حكامنا ينبطحون .. ويسلمون شعوبهم لرعاة البقروبراميل النفط ..
رحم الله زمان الحماية الروسية ..
ايها الحكام العرب الاقتصاد الصيني .. يحقق نموا رهيبا فاق التوقعات ويسبق توقعات المحللين والصين في حاجة الى الطاقة الى  نفطكم .. للحفاظ على كراسيكم استنجدوا بالعملاق الاصفر المستيقظ .. ادفعوا الجزية براميل من نفطكم للصين تحميكم من امريكا وحليفتها اسرائيل ..
kerouka@yahoo.fr
كاتب وصحفي
الجزائر

صوت العروبة

المتثاقفون

المتثاقفون

كمال قرور

24/08/2008

انتم تصرخون دائما وتبحثون عن شخص اسمه “المثقف ” اين المثقف؟ مادوره في الحياة ؟مادوره في تغيير التاريخ وما الفرق بينه وبين البطيخ؟أي هل له لون؟ هل له رائحة؟ هل له طعم؟ هل له موسم؟ ماموقفه من الاحداث الوطنية والدولية ؟ ماموقفه من الانقلابات؟ والاغتيالات والاحتيالات ؟ ولكن لاحياة لمن تنادي ومادام الشخص الذي بحت اصواتكم في البحث عنه لم يجب : سواء بالسلب او بالايجاب ، معنى هذا ان الكائن الهلامي الخرافي الذي تطلبون غير موجود ولهذا يستحسن ان توقفوا اعلاناتكم وحملات بحثكم وتستغلوا الصفحات في اشياء أهم من هذا المسمى تجاوزا “مثقف “.

لقد حملت منذ سنوات مصباحي وخرجت في وضح النهار مثل ذلك الفيلسوف اليوناني لابحث عن هذا المدعو تجاوزا مثقف ولكن املي خاب، وعدت خائبا.واقتنعت بان هذه الفئة غير متوفرة ببلادنا وهي لاتنبت في اراضينا البور كما ينبت الزعتر والشيح والبرواق لاسباب  ايكولوجية مجهولة …

وبالمقابل صادفت اثناء بحثي كائنات كارتونية كاريكاتورية ممسوخة تدعي انها مثقفة والحقيقة اني تبعت كذبها حتى باب دارها، فوجدتها كائنات متثاقفة وبعيدة كل البعد عن المثقفين الحقيقيين الذين يحملون مشروعا جادا متجذرا في عمق الجماهير

 وبعد هذه التجربة المريرة اصبحت لا اثق في هذا الكائن  المتثاقف  الذي لايستطيع ان يصارح نفسه بحقيقته وبدور ويبيع مبادئه بابخس الاثمان في كل الاسواق السياسية، ويخون قاعدته الانتخابية..ويعشق الصالونات ويكره الميدان

فكيف له ان يقيم علائق مع غيره من ابناء المجتمع الذي يعيش فيه او الجماهير العريضة التي لاتهتم بالضرورة بما يهتم به في برجه العاجي ، من افكار طوباوية ومشاريع وهمية ..

 ان التعالي او ” التكسال ” بالمفهوم العامي الواضح والقريب من الفهم سمة تطبع جبين هذا المتثاقف المتعالي وهي الحاجز الكبير الذي يحول دون اندماجه في اهتمامات الاخرين ولهذا يعيش لنفسه ولنفسه فقط ، ولذلك لايستطيع النظر خارج رقعته. ومثلما كان متثاقفونا كانت السلطة التي تحكمهم بقبضة الخوف والترهيب، فهم يصفونها بالجهل والامية والغباء، وهي صفات نابعة من الواقع لهذه النخبة البئيسة نفسهاوقد قيل ينطق السفيه بما فيه ..

ان التثاقف ادي بالضرورة الى ظهور فئة المتثاقفين على مسرح الحياة السياسية ونظرا للتناقض الصارخ بينهم دفعت الاحداث المتسارعة بهم الى النفق المسدود وذلك لتشابك المصالح،  ينتشرون في كل مكان داخل المجتمع ويحتلون مناصب ومراكز هامة ولهم منابر خاصة يطلون منها على المجتمع محاولين تشكيل رأي عام يصفق لهم ويبارك ماتصنعه افكارهم  ولوكانت تؤدي مباشرة الى جهنم .. 

  

 

المتثاقف الصدامي المتهور

هذا المتثاقف فاعل في البداية ومفعول به في النهاية، رافض مرفوع الراس وعلامة رفعه ورفضه عراقية تقليدية يضعهاعلى راسه، ويستعملها فيما بعد كرمز ودليل بسيط لصحة افكاره:اذاكانت العراقية اصغر من راسه ، فهل في هذه الحالة يستبدل العراقية ام يستبدل رأسه ؟ وهوسواء تعلم في جامعات الغرب او تلقى تعليما تقليديا يرفض هذا الغرب الكافرالصليبي ، ويرفض اشكال الموضة التي فصلها بيار كاردان وايف سان لوران ،وفي الوقت نفسه يحل لبس احذية اديداس الرياضية ،و ركوب “المرسيدس ” لانها ناقة مودرن ، يتركها تجوب الشوارع في احدى الولايات اثناء الحملة الانتخابية ، وحيث ينتهي البنزين يقيم ليلته حتى لايغضب الانصار ومن هذه القاعدة ،  ينطلق في التعبئة لاسقاط النظام الحاكم المتهم بالفساد والميوعة.. ان صوته نابع من معاناة المجتمع الناقم على نظام الحكم والتواق للانتقام ولذلك يتسم خطابه بتعبئة ثورية انقلابية وتساعده المساجد الحرة التي شجعها النظام الانفتاحي لترجم صوامعها معسكرات الشيوعيين ، وتصبح الصلوات الخمس غير كافية ، فتسن النوافل الجديدة :الندوات والحلقات والاشرطة وتصبح اجبارية على الاتباع لسماع الدروس والمواعظ التحريضية لاقتلاع جذورالطاغوت وضعضعة اسس الجمهورية..

.. وهذا المتثاقف كان يتمتع بثقة مفرطة في افكاره واتباعه وهذه الثقة المفرطة كانت وبالا عليه..حاول ان يواجه النظام وجها لوجه على طريقة الكوبوي الامريكي ، ويتسلم السلطة في ظرف قياسي وبابخس الاثمان وعلى طبق من ذهب ويقيم الدولة التي يريد ..ينظم العصيان المدني ،والمسيرات الحاشدة ، ويشل الحركة ،ويستفز الاخرين باللباس الافغاني واللحي السوداء الطويلة والاحذية الرياضية

بالشعارات البراقة الهلامية الميتافيزيقية استطاع المتثاقف الصدامي المتهور، ان يلهب الشباب العاطل او المعطل واليائس من الواقع ، ويشق لهم بعصاه طريقا في المجهول، وعندما يلتفت هذا المتثاقف الى هذا الحشد والسيل العرمرم فلابد ان يتيه نشوة ولايتردد في التلميح بانه المهدي المنتظر الذي يقيم العدل في الارض ويقبل االلجوء الى التدجيل الالكتروني، وهو يدعي انه يحارب الدجل ، فيستغل براءة التيكنولوجيا ويكتب بالليزراسم الله ، في سماء الملعب الذي يخطب فيه /لان المساجد لم تعد تستوعب جيش الانصار/ ليخر له الاتباع ساجدين طائعين غير شاكين وغير مناقشين المشروع /السري جدا / ، وليؤمن به كل المترددين ..وتصبح الصورة طبق الاصل لمعجزة التأييد الرباني تباع بسعر غير معقول في انحاء الجمهورية ..وياله من دجل سياسوي ..

انه ينادي بالشورى ويقول ان الديموقراطية كفر،ولكنه يقبل بالديموقراطية للوصول الى الحكم و يتوعدها بتقويض اركانها في سبيل الجمهورية الاسلامية /لاشرقية ولاغربية/ وهكذا يحاكي النماذج الصورية الجاهزة السودانية والافغانية والايرانية ويصبح الاتباع مجرد عارضي الزي وتصبح لهم القاب جديدة صهيب ، مصعب ،ابو فلان ، ويصبح المسك والكحل افضل انواع الزينة ، وفي الوقت الذي يدجن المرأة في / الحجاب ثم التشادور/ ولايسمح بسماع صوتها لانه عورة، يجندها هي ايضا وتصبح تملأ التجمعات بحضورها .وتصبح رقما مهما في تغليب الصناديق لصالحه ففي ظرف قياسي تعلمت الجاهلات الرقم 6 الذي اصبح فيما بعد رقم التشاؤم للديموقراطيين  ..عمل جبار لم يستطع ان يقوم به حتى انصار المرأة .و لو اقتدى به كل حزب منافس لكنا محونا امية الارقام في ظرف قياسي ..ورغم انه كان يحرم الصورة في جريدته ، فانه يضطر ليركب رجليه ويتوجه الى التلفزيون ليرد على خصومه الذين اتهموه بالتهور والجنون، ولكن قبل ان يدوس على فتواه ، يقبض عليه رجال النظام برفق ويقودونه بعيدا عن الانظار حيث يقضي بطالة سياسية في زنزانة مظلمة يعيد النظر في افكاره واحلامه وتهوره ..ويترك نار الغضب تأتي على الاخضر واليابس .

  

المتثاقف المناور

لقد نشأ وترعرع مع المتثاقف المتهور الصدامي، واكلا وشربا من نبع واحد،واقسما ان يعيشا معا ويموتا معا من اجل تحقيق الرسالة الربانية على هذه الارض، ولذلك فهما يحملان فكرة واحدة ورسالة واحدة الى المجتمع / احلال الماضي في الحاضر ودفن الحاضر في الماضي / اما المستقبل فليس من اختصاصهما ،لانه غيب لايعلمه الا الله   

ولما نضج المشروع الكبير على نار هادئة، وحان الوقت للمجاهرة بالعصيان والمغامرة، واختلط الحابل بالنابل ووقع المتهورالصدامي في الفخ المنصوب له، قصر المتثاقف المناور لحيته ونزع قندورته وفصل “كوستيمة” آخر موضة وقال نحن لسنا مثلهم نؤمن باللعبة الديموقراطية، و نقول بالشوراقراطية ، ونحب الحاضركما هو، ونحب الجمال والغناء النظيف ، ولكن لا احد يفرض علينا ربطة عنق.. ومن شاء ان يصلي فليصل ومن شاء الرقص فليرقص ولا اكراه في الدين..سنة الله في خلقه ..عندما تجمع المعارضة في الخارج على عقد تاريخي ينص على تداول السلطة ويطالب النظام بالانفتاح الديموقراطي ، يتحفظ المناور على العقد بل ويطعن في شرعيته ويحسب حساباته النفعية ويساند النظام ويدعمه ويسمح له بالتناسل الداخلي .. يدخل الانتخابات ويحصد/ زكارة فالنظام/ اصوات غالبية المصوتين لكنه يفضل ان يزكي مرشح النظام ويقبض العمولة ، وبعد ان يدخل بلاط السلطة يدعي انه مادخلها طمعا انما من اجل فهم كواليسها ودهاليزها ..وفي الدورة القادمة للانتخابات يترشح وترفض جمارك التاريخ ترشحه لانه لايملك شهادة المشاركة في الغزوات التحررية .. وبدل ان يعلن موقفا حازما من النظام يرتمي اكثر في احضانه و يساند مرشحه لرئاسة الجمهورية ، وفي الانتخابات التشريعية والبلدية تعاقبه الصناديق بحرمانه من مقاعد كان يتمتع بها في البرلمان ، وتعلن سحبها بساط الثقة من تحت اقدامه .لكنه مايكاد يفيق من الغيبوبة الانتخابية حتى يفكر في طريقة اخرى تزكي النظام وتطيل من عمره الاكلينيكي حتى يحتفظ بحقائبه الوزارية ليعرف اكثر خبايا وكواليس السرايا ..وليشهد التاريخ انه كان وراء توالد النظام ذاتيا وعودته في صورة /قودزيلا / اكثر شراسة واكثر وحشية ليسجل حضوره غير الشرفي في الفية المعلوماتية والمعرفة وحقوق الانسان.. 

  

المتثاقف العسكرياتي

هو نموذج حاضر بالقوة في المجتمع باسم الشرعية والثورة والتاريخ، حظه التعليمي قليل جدا ان لم يكن اصلا ، ودبلومه الوحيد التاريخ النضالي المجهول ممضي على بياض ،وسجله التجاري المتعدد الخدمات والمنافع، ولذلك لايستحي من ترداد عبارته المستهلكة: ان خبرته في الحياة /حياة الكفاح وحياة النضال/ افضل من عشرات الديبلومات التي يحصل عليها شباب اليوم من اكبر جامعات الدنيا، وهي كافية لتجعل منه انسانا قائدا قادرا على المسؤولية والقيادة .. ولان حياة الملتير رتيبة ومملة وفيها بطالة مقنعة لان الانقلابات اصبحت موضة كلاسيكية غير مرغوبة،والحدود مؤمنة والاتفاقيات السلمية موقعة مع الجيران ولذلك فهولايرضى بهذه الحياة فقط انما تمتد اصابعه الطويلة داخل المجتمع باحثة عن مساحات نفوذ جديدة تسهل عملية الانتشار والهيمنة، والهجوم مستفيدا من الخطط النظرية التي لم يجربها للاسف في الميدان الحربي ، فهو يتدخل لتوظيف بيدق هنا وبيدق هناك لتكون عيونه في كل مكان ويتجلى ظله في سماء وتصل انامله الى كل مفيد .

هذا المتثاقف يرفض ان يتهم بادخال انفه في السياسة ، لان السياسة حسبه لعبة عيال، وهو كبيرعلى اللعب ، لان طبعه جاد وصارم، ولايحب الا لتواءات والمناورات ، فاذا اراد شيئا يقول له كن فيكون ، والسياسة حسبه غير نظيفة ، وهو لايحب تلطيخ بزته المكوية بقاذورات الساسة، وهوان تورط في السياسة ينشىء حزبا من العدم في ظروف قياسية ويصبح حزب الرئيس يدخل على ظهره/ مثل فيل ابرهة الحبشي / الانتخابات ويفوز بها تعنتيرا وتزويرا ومن لايعجبه الامر الواقع فليخبط رأسه  ، وهو ان فضل ان يتاجر /لانه لايحب بطبعه الهجرة ولايحب ان يفعل مثلما فعل ماجر ، فانه يختار التجارة الخاريجة والاستيراد تحديدا فعندما تتنازل الدولة عن احتكار مادة حساسة يكون سباقا لاحتكارها ولايترك منافسا واحدا يزاحمه، ورغم انه ابن الماضي فهو يكره هذاالماضي ولايحب من يذكره به ، ولذلك يفضل الحاضر لانه نفعي ومفيد وكذلك يحب المستقبل لانه فرصة للتوسع والتغلل والانتشاروالهجوم المباغت على مواقع محددة كاهداف استراتيجية. و عندما يسمع هذا المتثاقف  صهيل خيول الماضي الجامحة تجوب الشوارع الرئيسية للعاصمة فلابد ان يستشعر عن بعد بحس الملتير، الخطر الداهم ولابد من خطة تكتيكية للقضاء على هذا العدو المباغت الذي يريد ان يفسد خططه “المدنية”، ولانه يجهل طبيعة العدوالجديد يبحث حوله عن خبراء يفهمون في فقه التحليل والتدجيل السياسي لوضع الحواجز لكبح جماح الطوفان، ولكنه قبل ان يلتفت حوله حتى يطرق بابه المتثاقف المتربص عارضا خدماته للقضاء على هذا الطاعون الفتاك، من اجل انقاذ الجمهورية، الوكر المشترك للجميع ..   

  

المتثاقف المتربص

مهما كان لونه شيوعي ميوعي ديموقراطي،نقابي ، لائكي عدمي ، يقول لك انا مسلم بالفطرة، يشهد باسم الجمهورية ويبسمل بالديموقراطية، وينسى اسم الله ، وعندما تساله عن القبلة يقول لك بادب: انا ساكن جديد .. وعندما تساله عن قواعد الاسلام يقول لك: جدي كان شيخ زاوية .وعندما تغوص معه في الاعماق يقول لك لاتدخل الدين في السياسة، ولما تقول له هل اديت الخدمة الوطنية يقول لك انا اكره العسكر.. هذا المتثاقف يكره الماضي ويكره الحاضروالعسكر ايضا ولايحب الا الغد /المستقبل حيث تكون احلامه وطموحاته قد اينعت ووجدت من يعتني بها.ويصبح له شأن .. في الماضي لم يكن له شأن في المجتمع وفي الحاضر وجد نفسه يهذي مثل المجنون وافكاره التنويرية تعبث بها رياح الماضوية والظلامية وتقتلعها من جذورها وتحرقها بلهيبها ، ولذلك لايستحي حين يصرح بعد ان يقصيه صندوق الديموقراطية: اني اخطأت في هذا الشعب.. ويضيع في زحمة الحياة في نقل حاضر/الذي سيصبح ماضيا / مجتمعات اخرى الى غد مجتمعه  فبدل البحث عن الطرائق والبدائل للتمكين للجمهورية الفاضلة التي يبشر بها يتحول مشروعه الكبير للقضاء على الماضي والماضوية والظلامية ولانه ضعيف ولاحول ولاقوة له ، وليس له الجيش العرمرم مثل الذي روضه المتثاقف الصدامي  واصبح رهن اشارته يموت في سبيل الله وفي سبيل القضية المقدسة..  لتصبح جمهوريته ميتافيزيقية اكثر من جمهورية غريمه، ولانه يخاف على انصاره/ اصحاب الياقات البيضاء/ الكوادر،المندسين في مفاصل الدولة والمنتفعين من الريوع بعيدا عن الانظار فانه يامرهم بالتقية حتى يحين الحين وتدور الدائرة..وتفعل الجدلية فعلها التاريخي المرجو .. ويبدأ البحث عن حليف قوي له السطوة والجبروت للوقوف في وجه المارد، ورب مصلحة خير من الف مبدأ ..

تتجه الانظار الى العدو اللدود صاحب البزة له السلطة والقدرة على اتخاذ أي مبادرة ردعية حتى لو داس الصندوق الانتخابي خيار الشعب برنجاسه او دبابته، لابد من التحالف معه من اجل القضاء على هذا البعبع اللعين، وانقاذ الجمهورية من الزوال  وبعدها سيكون لكل حادث حديث ..   

 

المتثاقف المتهافت

ولد وترعرع بين احضان النظام ..انه المنظر الحقيقي لشكل النظام القائم .. كان وراء ميثاق طرابلس ،كما كان وراء وثيقة الصومام، والميثاق الوطني البومديني، والميثاق الوطني الشاذلي، فهو حاضربالقوة وبالفعل في كل المواثيق التي لجأت اليها الانظمة المتعاقبة والتي تلغي بعضها بعضا، لعدم الانسجام الايديولوجي والمصلحي للزعماء، ولكنه بثقافته الفرانكوفيلية المندمجة المطلعة على بانوراما الافكار والايديولوجيات الغربية، يحاول ان يسدي الخدمة لسيده ويريه الطريق الصحيح، حسب متطلبات العصر، فهو اشتراكي لما تكون الاشتراكية واقفة وعندما تسقط يصبح لبيراليا، ومن كثرة مايخدم النظام يصبح هو النظام نفسه، ويصبح هو الدولة

فمن كاتب عمومي للنظام ، يصبح مستشارا، ثم وزيرا ثم سفيرا ثم عضو الخماسية ثم رئيس حكومة حيث تصبح امكانيات الدولة بيده فيغير مواقع الرعب وترتكب المجازر الوحشية ويختفي الالاف من الادمغة في ظروف غامضة .. ولكنه سرعان مايسقط من صهوة الحكومة ليصبح زعيم حزب معارض/ ياللمفارقة / ويحاول ان يعود الى الواجهة او القمة لان روح سيزيف تسكنه حتى النخاع فهومثل السمك لايتصور نفسه خارج منافع النظام وللاسف يرسب في اول امتحان ليكون رئيسا للدولة التي خدمها ونظر لها طيلة حياته لان نصاب التوقيعات يخونه فجأة، فيصدمه ويعكس له حجمه وحقيقته  ..

يدعي فخرا انه حذر الامريكيين من خطر الاصولية ولكنهم لم يسمعوا نصائحه الذهبية ولو سمعوا له لتجنبوا فاجعة 11 سبتمبر.. هذا المتثاقف المتهافت لايحمل مشروعا واضحا لجمهوريته بقدر مايحمل ديناميتا فكريا فتاكا لسحق الاصولية

  

 

المتثاقف الفتاتي

هذا المتثاقف أ صبح في سنوات الازمة ضروريا كالملح في الطعام ، كديكور ، يلجأ اليه اصحاب الحل والربط  في ظل نموذج الدولة الانتقالية او اللا دولة ،القافزة على الدستور وكل قوانين الجمهورية ، وهو بدوره يجد نفسه مستعدا فطريا و تلقائيا  ليلعب على الحبال التي لعب عليها السياسيون الكبار عندما كان يتفرج على المشهد في سيرك السياسة البهيج، فهو بعدما جرب كل التجارب لم يستطع ان يكون شيئا مهما يشار له بالبنان واصبح كل من يريد ان يكون شيئا مهما عليه ان يتمسح باحذية الساسة الميامين او يمدح العساكر ويدافع عنهم ويبعد عنهم الشبهات المريبة التي يلصقها بهم الحساد اوضعاف النفوس . وبالتالي لايهمه كيفية الوصول الى هرم السلطة،او سلطة الواجهة : الانتخابات المزورة، والتعيينات المشبوهة، والاقصاءات القاتلة للكفاءة .. انه متثاقف براغماتي لايستحي ولذلك يفعل مايشاء ويقول مايشاء ويدعي زورا لغسل جنابته، انه حل محل الرديئين، ليثقف الساسة والسياسة، ومع مرالزمن نكتشف زيف وخداع هذا الفتاتي الذي يأكل من فضلات الاسياد ، فلا هو ثقفهم واصلح من حالهم ومن سلوكاتهم العدوانية تجاه الرعية، ولاهم قبلوه بينهم فاصبح منهم وله كلمة بينهم، واصبح حاله كحال الذي جاء يقلد مشية غيره فنسي مشيته.   

  

  

المثقف المستتر .

بعد تقديم هذه النماذج المتثاقفة التي تلعب في الساحة السياسية لعبة القط والفأر دون تقديم البديل الحقيقي الذي ينقذ المجتمع من الغرق، الا يحق لنا البحث عن نموذج لمثقف وليس متثاقف نبت في تربة هذه الارض وشرب اوجاعها والمه ما اصابها من ابنائها، هذا المثقف يجب ان يكون من طينة مختلفة..هذا المثقف موجود ولكنه مستتر، انه خلف المسرح يغمره الظلام وهو يشاهد المهازل تلو المهازل ولايحب ان يلطخ سمعته وافكاره النيرة لان حسب اعتقاده من يخالط الدجاج ينقبه ..ولكنه حان الوقت بعد ان احترقت اوراق المزيفين ، واصبح المجتمع تائها لايدري اين يتجه بعد سنوات التيه العصيبة ،.. اليوم بعدما كذب الواقع كل الفلسفات الخرفة والاماني الزائفة ، الا يحق لهولاء المستترين الصادقين ان يمدوا ارجلهم بعد ان كشف المزيفون عن هرائهم يجب ان يكونوا في المقدمة وليس في الخلف ، ويجب ان يستمدوا شرعيتهم وقوتهم من معرفتهم التي اكتسبوها طيلة سنوات ، لانها سلاح العصرالجديد ، الذي يزدري الرداءة ، والدجل السياسوي ..    

  

كمال قرور

حكاية الجاحظ وما جرى له في مكتبات الجمهورية ..

حكاية الجاحظ وما جرى له في مكتبات الجمهورية ..

المصدر

الرابط : فن وثقافة
كمال قرور
” إما أن نجد لنا سبيلا ، أو نصنع لنا سبيلا “
 هانيبال
( يحكى أن ) أبا عثمان عمرو المدعو الجاحظ  الكاتب العربي الكبير، صاحب المؤلفات والمصنفات العديدة، المولود في القرن الخامس لهجرة العقول، كان يتسكع في شوارع عاصمة الجمهورية، في عصر غير عصره، دون أكل أو شرب وقد ازداد جحوظ عينيه لرؤية “البيزيريات” ومحلات “الهامبورغر” وصالونات الشاي..تعففت نفسه أن يمد يده طالبا دنانير ليشتري لنفسه طعاما،أو يقتحم محلا من المحلات يأكل حتى يشبع ويتحمل كل العواقب. لكن في الأخير جاءته فكرة التعريج على بعض المكتبات ليقف بنفسه على مدى رواج مؤلفاته التي أفنى حياته في تأليفها، ليطالب ديوان حقوق المؤلف بحقوقه المادية المتراكمة. لاشك أنه سيصبح مثل الأغنياءالذين يستوردون كل شيء من الصين. هكذا راودته أفكاره ..
دخل المكتبة الأولى وسأل صاحبها :
–  أي الكتب تحقق رواجا هذه الأيام ؟
أجاب صاحب المكتبة دون تردد أو تفكير:
– كتب الطبخ .. طبعا ..يا سيدي ..
قال الجاحظ، بتواضع الأدباء والعلماء وهو يصلح ياقته وربطة عنقه وقد فاجأه جواب صاحب المكتبة غير المتوقع :
–  هل عندكم كتاب الحيوان للجاحظ ؟
– لا يوجد..ثم من يكون الجاحظ هذا أنا لم أسمع به من قبل ؟
شعر الجاحظ بالحرج، ودون أن يعلق على كلام صاحب المكتبة،انصرف متوترا، ودخل مكتبة ثانية ثم سأل صاحبها :
– أي الكتب تحقق رواجا هذه الأيام ؟
– تحفة العروس .. يا سيدي ..
– هل عندكم “البيان والتبيين” للجاحظ ؟
– عندنا نسخة واحدة ولم يطلبها أحد منذ عامين  …
خرج كاتبنا الكبير حزينا ودخل مكتبة أخرى وسأل صاحبها :
–  أي الكتب تحقق رواجا هذه الأيام ؟
–  رسائل العشاق .. يا سيدي ..
–  وهل عندكم كتاب “البخلاء” للجاحظ ؟
– لا أخفي عليك يا سيدي.. رغم أن هذا الكتاب مقرر على طلبة الثانويات في حصة المطالعة، للقراءة والتلخيص، إلا أن الإقبال عليه غير مشجع. الطلاب يسرقون ملخصه المنشور في أحد المواقع الأدبية على الأنترنيت ويقدمونه لأساتذتهم الذين ملوا بدورهم القراءة.صاروا يعطونهم علامات تقديرية ترضيهم وكفاهم الله شر القراءة والتصحيح، بينما دار النشر التي طبعته أول مرة بكميات هائلة تعرضت للإفلاس وصاحبها مازال حتى هذه الساعة في مصحة عقلية وندعو الله أن يشفيه ..
خرج أبو عثمان عمروالجاحظ الكاتب العربي الكبير، مهموما يجر خيبته وراءه. دخل مكتبة أخرى واستحى أن يسأل صاحبها أسئلته الفضولية، وكانت عيناه الجاحظتان تبحثان في زوايا المكتبة عن شيء ما، بكل تواضع كان كاتبنا يبحث عن كتبه القيمة. لما رآه صاحب المكتبة عرفه من جحوظ عينيه، رحب به قائلا :
-دون شك أنت هو الجاحظ الكاتب العربي الكبير ؟
شعر الجاحظ بالخجل وازداد تواضعا. تلاشت فجأة غمامة الحزن التي حجبت أفقه منذ دخل أول مكتبة في عاصمة الجمهورية 
–  نعم أنا هو الجاحظ بلحمه وشحمه وجحوظ عينيه …
قاطعه صاحب المكتبة وكان باحثا أكاديميا نشيطا، قدم رسالة دكتوراه في الأدب المقارن بجامعة السوربون، قارن فيها بين بخيل الجاحظ وبخيل موليير، واكتشف أن الجاحظ الكاتب العربي قرأ بخيل موليير وتـأثر به كثيرا، بل أعاد نسخه وسلخه ولم يأت بجديد. ونظرا لمجهود الباحث الكبير في التنقيب عن السرقة الأدبية المفضوحة التي غيرت وجهة تاريخ الأدب الحديث والمعاصر، منحته لجنة التحكيم درجة ممتاز مع التوصية بالطبع ..
وبالمناسبة وقع الباحث الكبير نسخة من كتابه الفاخر الصادر عن منشورات (هاشيت )، وسلمها لكاتبنا ثم أشار إلى ملصقة معلقة على الجدار تحمل صورة الأديب الكبير وكتب عليها بخط كبير،  هذا السارق الكبير مطلوب من طرف (الأنتربول). من يقبض عليه أو يدل على مكانه له مبلغ عشرة آلاف أورو أو ما يعادلها بالدولار..
قال الجاحظ :
– ولماذا لا تقبض علي وتسلمني ل(لأنتربول) وتستلم الجائزة
قال الباحث صاحب المكتبة :
–  أنا أكاديمي وعضو فعال في منظمة حقوق الإنسان. صاحب أخلاق ومبادئ، لا يشرفني أن أفعل ذلك ..
قال الجاحظ :
– وكيف سمحت لك أخلاقك أن تتهمني بالسرقة الغريبة وتمتنع عن تسليمي ل(لأنتربول) الذي استند إلى مذكرتك ليثبت التهمة
– هذه الفلسفة يطول شرحها، وكما يقال: لكل مقام مقال. ولكني أطلب منك أن ترفع دعوى قضائية على الروائي الجزائري الطاهر وطار لأنه استغل اسمك في تسمية جمعيته  “الجاحظية”،  ويصدر مجلة أدبية محكمة عنوانها “التبيين”وهي كما ترى سرقة موصوفة لنصف عنوان كتابك الشهير “البيان والتبيين”. ارفع عليه دعوى قضائية وطالبه بالتعويض المادي والمعنوي.. وإن لم تكن تملك المال الكافي، أنا أدفع مصاريف المحامي.. المهم أن يتوقف نشاط هذه الجمعية ويتوقف صدور مجلتها بحكم قضائي حتى لا تثور منظمة العفو الدولية،وتملأ الإعلام الدولي صراخا وعويلا على الحريات.. 
قال الجاحظ :
– هذه ليست أخلاقي ..
قال صاحب المكتبة الباحث :
– إذا كنت خائفا من رد فعل وطار الانتقامي، أعطني توكيلا، وأنا أقوم بالواجب، باعتباري أحد المختصين الجامعيين في تراثك الأدبي ..
قال الجاحظ :
–  عجبا أي تراث هذا الذي أفنيت عمرك في نفيه واتهمت أصحابه زورا بسرقته..كان بإمكان الروائي الطاهر وطار أن يسمي جمعيته “الوطارية”نسبة إليه،ويسمي مجلته الأدبية التبيين : “طز”.. وهو حر في ذلك،ولن يعترض عليه أحد، حتى وزير الداخلية نفسه.. ولكنه منحني شرف الامتداد في التاريخ والذاكرة ويستحق أن أشكره ..
ق
ال صاحب المكتبة الباحث :
 –  يبدو أنك مرهق وجائع. تعال نذهب إلى أقرب مطعم فاخر،  وهناك نعقد صفقة بيني وبينك. تتنازل لي عن كتابك الرائع “الجواري والقيان” لأعيد طبعه باسمي في طبعة عصرية ملونة ومزينة بالصور ليقبل عليها شباب اليوم. وتأخذ حقوقك كاملة..
تأسف الجاحظ الكاتب العربي الكبير، بينه وبين نفسه، ولم يرحب بفكرة صاحب المكتبة “المتثاقف” والباحث الأكاديمي والعضو الفاعل في منظمة حقوق الإنسان.. وساءه أن يصل التعفن إلى مداه. كان متحمسا للتنازل عن كل حقوقه من أجل أن تبقى الأجيال تقرأ وتقدر العقل. ولكنه ليس مستعدا أن يبيع أتفه رسالة كتبها في حياته ولو بكنوز قارون أوثروة “بيل غايتس”  أوأموال الملياردير السوفي “جيلالي مهري”..
حاول الباحث الأكاديمي أن يفهم ما يدور في رأس الكاتب العربي الكبير ولكنه لم يستطع. ظل ينتظر دعوته إلى المطعم الفخم، لعقد صفقة العمر، لكنه لم يفعل .
سار أبو عثمان عمرو الجاحظ الكاتب العربي الكبير في شوارع عاصمة الجمهورية، ومازال يسير، أنسته همومه آلام جوعه، حتى اختفى عن الأنظار. ابتلعته آلامه
kerouka@yahoo.fr

قصة: إضراب غير دستوري في مطبخ حاتم الطائي (ماكدونالد) العرب ..

قصة: إضراب غير دستوري في مطبخ حاتم الطائي (ماكدونالد) العرب ..

كمال قرور

11/08/2008
قراءات: 20

” كل شيء ينضح بالجريمة في هذا العالم،
الجريدة والحائط ووجه الانسان .” 
شارل بودلير 

( قال الراوي ) نزل رجل الأعمال ( الرادمة ) المشهور في جمهورية (الكح)، ضيفا على حاتم الطائي الذي أصبح يعرف بـ”ماكدونالد” العرب، في فيلته الفخمة على شاطئ البحر الأحمر أو الأبيض أو الأزرق أو الميت، لا يهم ..
وكانت صورته الكبيرة تعلو أحد الجدران، وهو في بدلته السوداء الأنيقة وربطة عنقه يبتسم كأنه مرشح للبرلمان وكتب في الجانب السفلي، بخط واضح:
– الكرم والجود من شيمنا.
وعلى الواجهة كتبت يافطة بخط كبير :
إلى ضيوفنا الكرام: نظرا .. ونظرا .. ونظرا ..نضمن لكم نصف الضيافة، المبيت فقط، الرجاء إحضار “ساندويتشات” معكم لأن طباخينا في إضراب عام غير دستوري..
تعجب رجل الأعمال ( الرادمة ) وهو يقرأ اللافتة. ولكن لم العجب وقد أصبحت الإضرابات حقا من حقوق العمال الدستورية في الدول التي تحترم نفسها فما بالك بمطبخ حاتم الطائي الذي وصل صداه أصقاع العالم من سنغفورة إلى فنزويلا..
وبينما كان رجل الأعمال (الرادمة) منشغلا بحدث الإضراب الذي صادف مجيئه لسوء الحظ، فإذا بحاتم الطائي بشحمه ولحمه وتواضعه يستقبله كعادته بترحاب منقطع النظير وهو في قمة شياكته رغم ما كان يخفيه من “زعاف” :
– مرحبا بالضيف الكريم، حللت أهلا ونزلت سهلا ..
– شكرا على كرم الضيافة أيها الأخ الكريم ..
– طالت غيبتك في بلاد الصين هذه المرة؟
– نعم رحلة تجارية فاشلة كلفتني كل رأسمالي هناك ..
– وكيف وأنت أبو التجارة وصاحب الشطارة ؟
– أنت تعرف أني تعاملت مع “الشناوة” كثيرا في تقليد البضائع: الأدوات المنزلية والكهربائية ومواد التجميل والإلكترونيك والألعاب والألبسة والأدوية، وربحت مالا كثيرا ولكن هذه المرة لما سمعت أن الانتفاضة الفلسطينية الثانية توقفت بسبب نفاد الحجر قررت أن أستغل هذه الفرصة الذهبية. أخذت حجرا حقيقيا لأقلده وكان حلمي يراودني أني سأصبح أغنى الأغنياء، وأحتل المرتبة الأولى في ترتيب مجلة (فوربس) الأمريكية وخاصة أن هذه الحرب الحضارية بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن أن تنتهي، إلا بفناء العالم. طفت الصين ورشة ورشة وكذا طايوان، والكوريتين، ولم أجد من يصنع لي حجرا مقلدا، بل وجدتهم متفقين جميعا على شعار واحد، نقلد كل شيء إلا الحجر.
قال حاتم الطائي :
– يالها من رحلة خاسرة.. ويبدو أننا في الخسارة سواء ..
– ماذا حدث ؟
– إن الطباخين في إضراب عام مفتوح.. وتسببوا في عرقلة واجب الضيافة.. ولهذا قررنا أن نقوم بنصف واجب الضيافة أفضل من تركها كلها..
– ولماذا يضرب الطباخون عن العمل وخاصة أنهم يقومون بواجب عربي جليل.
– إنهم يطالبون برفع الأجور وتحسين المعيشة والتأمين، وإكراميات الساعات الإضافية والعمل الليلي وكذا عمل العطل.. والبقشيش ..
– المفروض أنهم يتطوعون في سبيل خدمة الضيف وينذرون عملهم لوجه الله وليس لوجه أحد.. إنهم بهذا السلوك يسيؤون إلى سمعة مطبخكم الذي يضرب به المثل في الكرم في الكتب القديمة، وفي “كاتالوجات” السياحة الحديثة.
– لقد أقسمت، على المباشر، في حوار خاص مع الجزيرة بأن لا أزيدنهم دولارا واحدا، وإن تمادوا في إضرابهم فإني سأضرب عن الضيافة إلى الأبد. أحول المطعم إلى شركة مختصة في الوجبات السريعة أجني من ورائها آلاف الدولارات..
– نصحتك كثيرا أن تفعل ولكنك …
– أبناء الحلال كانوا يشجعوني على واجب الضيافة وهم من نصحوني اليوم بالإبقاء على نصف واجب الضيافة حتى لا تهتز سمعة الطائي بين المستوردين العرب الذين يستوردون السلع من بانكوك وهونكونغ واليابان وتايوان وتايلاند وماليزيا وسنغافورة ..
– أنت أدرى بشؤونك يا سيد الجود والكرم.. ولو كنت مكانك لعوضتهم بطباخين من الباكستان والهند وماليزيا وأندونيسيا إن العمالة الآسيوية ماهرة، ومطيعة ورخيصة الأجر. وإذا سمحت لي سأقوم بجلب هذه العمالة بنفسي.
– إنهم معتصمون بالمطبخ ليل نهار وهددوا بحرقه كذا مرة في حالة إقدامنا على استقدام العمالة الأجنبية..ولهذا أحجمنا عن المغامرة.. لقد أمهلتهم أسبوعا إن لم يتراجعوا عن إضرابهم غير الشرعي فسأكتب مذكرة لـ”لأفامي” مقترحا خطة لتحويل الجمعية الخيرية المسيرة للمطبخ إلى شركة ذات أسهم، وأبيع نصف الأسهم للشركات المتعددة الجنسيات. وأقوم بتحديث المطبخ ليصبح فيه كل شيء آليا وبالتالي تسريح عدد كبير من العمال، وإجبار بعضهم على التقاعد المبكر، والتخلص نهائيا من وجع الدماغ.
قال رجل الأعمال ( الرادمة ) :
– أحسنت يا سيد الجود.. سيكون لي الشرف أن أشتري أسهما في الشركة الجديدة ..

 

كمال قرور

كيف تكون سطيف عاصمة الثقافة الوطنية؟

كيف تكون سطيف عاصمة الثقافة الوطنية؟

كمال قرور

كاتب وصحفي

 أن تصبح سطيف عاصمة الثقافة الوطنية تلك ليست مشكلة, المشكلة هي أن لاتصبح سطيف بما تملكه من امكانات مادية وبشرية عاصمة للثقافة الوطنية.لأن الفكرة طيبة وقابلة للتجسيد وليست حتما يوطوبيا.وخاصة أن بلادنا الجريحة في حاجة الى مثل هذه المبادرات اللامركزية لتخفف عنها أطرافها بعض أعبائها وتعيد لها عافيتها ومجدها.

هذه المبادرة الفعالة أقدم على زرع بذور شعارها اعلاميا ووضع أسسها ولبناتها الأولى على أرض الواقع مدير الثقافة,الكاتب والصحفي,مهندس المشروع السيد محمد زتيلي,برعاية السيد والي الولاية.

 أن تصبح سطيف فضاء لأهل الفن والثقافة على مدار السنة لتحريك السبات الثقافي الموسمي وتكسير أقفال المؤسسات الثقافية الموصدة واذابة جليد الخمول البشري,لتصبح الثقافة هواء ضروريا وسلوكا ايجابيا.

تلك هي بوادر عاصمة الثقافة الوطنية.

 الفكرة النبيلة ليست مستحيلة لأنها كانت حلما راود البعض منا ذات محنة, لكنها لم تثمر في سنوات الجنون والفوضى.ولكن اليوم في زمن الوئام والتصالح والتسامح هي أقرب الي التجسيد ولن يكتب لها النجاح الا على أرض سطيف المتصالحة المتسامحة الفاتحة صدرها وقلبها لكل أبناء الوطن,لتضيف شيئا جديدا ولمسة ابداعية للمشهد الثقافي الجزائري.

اليوم,بالارادة والنية الصادقة يمكن أن تحقق المبادرة فتحا عظيما في بلادنا.وخاصة أن المدن الثقافية الكلاسيكية تآكلت وبدأ نجمها يأفل لأسباب شتى ليس المجال هنا لذكرها.

سطيف التاريخية التي تعاقبت عليها الحضارات واستفادت من كل الخبرات والتراكمات,وبما تملكه اليوم من طاقات:بشرية و طبيعية وسياحية  وصناعية وفلاحية وتجارية واستراتيجية وبنى تحتية ومعاهد جامعية واذاعة جهوية ومادة رمادية وقدرات ابداعية مؤهلة أكثر من غيرها من ولايات الجمهورية كي تصبح عاصمة ثقافية بأتم معنى الكلمة.وخاصة بعد تفهم ساستها وعلى رأسهم السيد والي الولاية لأهمية الفكرة الرائدة والتي يرعا بنفسه و بكل ما أتاه الله من ذوق واحساس ومسؤولية وحكمة لتصبح سطيف فضاء ثقافيا يستقطب الطاقات الوطنية ويفتق مواهبها وبالتالي يعطي هذا السياسي مثالا للحاكم الراعي المسؤول المتفهم لضرورة تكامل السياسي والثقافي لتجسيد هذا الفضاء الصحي في جو يسوده التعاون خدمة للصالح العام بعيدا عن التشاحن والريبة.

بعد توفركل الشروط الموضوعية.

ستصبح سطيف عاصمة الثقافة الوطنية, لما تكرس الفعل الثقافي الجاد وفق استراتيجية واضحة المعالم محسوبة الخطوات بعيدا عن الارتجال والكرنفالية وتؤسس معرضا سنويا للكتاب وشهرا تحسيسيا للمطالعة في المؤسسات التربوية وجوائز لتثمين الابداع وملتقى للشعر وآخر للرواية والنقد وآخر للآداب والفنون الشعبية ومهرجانا للمسرح وآخر للسينما ومعرضا كبيرا للفن التشكيلي وتستضيف كتابا كبارا ومفكرين جزائريين وعربا.وتستقطب خبرات وكفاءات وطنية وعربية للمساهة في انجاز أعمال ثقافية كبرى قابلة للتسويق وطنيا وعربيا.

يجب أن تكون عين سطيف عاصمة الثقافة الوطنية على توزيع النشاط الثقافي أولا ثم الانتاج ثانيا وثالثا ورابعا وعليها أن تكرس كل سنة ثقافية فنا من الفنون ليأخذ حصة الأسد بين جمهور المتلقين مثل : سنة المسرح , سنة الشعر, سنة الرسم , سنة السينما…الخ. أواسم شخصية وطنية ثقافية أوفكرية أو فنية يعاد لها الاعتبار وينفض عنها غبار النسيان والتجاهل.مثل سنة مالك بن نبي , سنة ابن باديس , سنة اسياخم ,سنة علولة ,سنة العنقا..سنة مالك حداد ..الخ.

بفضل تكاتف وتعاون كل المبدعين والفنانين والمثقفين,وتكامل السياسي والثقافي حتما,ستصبح مبادرة سطيف عاصمة الثقافة الوطنية واقعا ملموسا,وتاجا على رأس بلادنا الجزائر.

أن تكون أو لاتكون؟ سطيف عاصمة الثقافة الوطنية, ليست هي المشكلة.

الآن ..كيف تكون؟   جوهر المسألة.